صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

خطرت لي فكرة الرواية في أواخر الصيف من العام 2019 م، ظلت تتكشف وتتضح، تتشابك خيوطها في مخيلتي، وتحتدم أحداثها أمام ناظريّ، فتشبع بها وجداني الزمان الطويل، دون أن أجرؤ على كتابة حرف منها، وعلى رغم أنني وقتئذ كنت قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء من رواية أخرى، فإن إصراري -بعد ست مجموعات قصصية- على استهلال إصداراتي الروائية بتلك الرواية تحديدًا، كان إصرارًا عظيمًا، وهكذا ظلت ومضاتها تعن لي على الدوام، حتى اكتملت تمامُا كشريط سينمائي واضح، يتجلى أمامي بين الحين والآخر، ولا أدري لماذا كنت أتوقف خشية ورهبة كلما شرعت في الكتابة، ربما -ولا رغبة لديّ في الزهو أو التفاخر- لعمق الموضوع واستثنائية التناول وفرادة مسرح الأحداث.
بعد شهور طويلة، وبالتحديد في أغسطس من العام 2020 م، تجاسرت للمرة الأولى وبدأت أخط السطور الأولى من الرواية، ولا أدري إن كنت محظوظًا أم غير ذلك، عندما قررت البدء بها، فقد استنزفت مني الشهور الطوال في البحث الجغرافي والتاريخي والعلمي والاجتماعي، ولا أخفيكم سرًا بأنني -وأنا كاتبها- لا أستطيع بدقة تصنيفها أو تحجيمها في إطار معين، فلا أعلم إن كانت رومانسية أم تاريخية أم علمية أم اجتماعية أم فلسفية أم هى رواية من روايات الإثارة والغموض، أو ربما غير ذلك، فقد تضافرت فيها -بغير عمد مني- كل تلك الجوانب، فضلًا عن التجنيس الأدبي في طياتها، وأترك تلك المهمة، مهمة تصنيفها لأصدقائي القراء وأساتذتي النقاد.
وهكذا جعلت أبحث الوقت الطويل، في جغرافية الأمكنة، ومتغيرات الأزمنة، وتقاليد المجتمعات وسمت الأشخاص في العديد من البلاد التي تطرق لها النص الأدبي. في تلك الأثناء نشرت بعض مجموعاتي القصصية، التي كنت قد انتهيت منها. ولقد آليت على نفسي ألًا يجد القاريء سوى المعلومة الفريدة غير المطروقة أدبيًا من قبل، وعمق الفكرة وطلاوة السرد واستثنائية الحبكة، وعدم المزايدة أو الاستخاف بعقلية المتلقي الواعي، حاولت في ذلك، ولعلّني أكون قد أصبت بعضًا من نجاح، حتى إذا ما انتهيت من الرواية جاءت مرحلة لا تقل أهمية، وهي مرحلة الحذف والمراجعة والإضافة أحيانًا، أما عن مسرح أحداث الرواية فأظنه مفاجأة، فهي الرواية الأولى فيما علمت أو قرأت أو سألت، التي تدور أحداثها على ذلك المسرح.
وبعد أكثر من عامين كانت الأقدام السوداء، وهي إذ تغادرني الآن إلى شركائي القراء، فلن يكون لقاء بيني وبينها -إبداعًا- مرة أخرى، وكأني بها بضع من روحي، سيشاركني فيه الآخرون. فلكل مقطع فيها قصة معي، لا أنسى حالي وقت كتابته، بل ومكان وظروف الكتابة، فكتبت هذا المقطع في الرباط بالمملكة المغربية، وذاك كتبته في الجزائر وهكذا ما كتبته في المملكة العربية السعودية أو مصر.
أخيرًا فإن كل ما ذكرت آنفًا -بطبيعة الحال- ليس دليلًا على جودة الرواية من عدمه، ولكنني إذ ذكرته، لم أرد من ذكره إلّا مشاركًة لأصدقائي وتبيانًا لظروف ومراحل إخراجها للنور ليس إلّا، حتى كانت بين أيديكم.

الأقدام السوداء (Pieds Noirs) رواية تقع في 300 صفحة (50.000 كلمة) تقريبًا، تصدر عن دار ببلومانيا للنشر والتوزيع، 15 شارع السباق مصر الجديدة- مول الميريلاند. وأعدكم صديقاتي وأصدقائي القراء، أنت تكونوا إن شاء الله على موعد مع رواية، آمل أن تكون مختلفة.

ملحوظة: لم أكتب الترجمة الفرنسية -تحديدًا- لاسم الرواية على الغلاف، إلّا لضرورة فنية سوف تتضح عند القراءة.

#محمد_فايز_حجازي